ساعدت لقاحات فيروس كورونا البلدان في رسم طريق للخروج من الوباء، والذي يعتبر توزيعها العادل بمثابة تحدي كبير يجب التغلب عليه بصفة عامة. ولكن بالنسبة للدول ذات معدلات التطعيم المرتفعة، فإن العودة إلى الحياة الطبيعية أصبح أمرًا ملموسًا، ولكن الصعوبة التي تفرضها هذه المهمة على الحكومات ستستمر لفترة أطول بكثير.
ومع ثاني أعلى معدل تطعيم على مستوى العالم، أصبحت الإمارات العربية المتحدة واحدة من الدول الرائدة التي يمكن أن تبدأ التخطيط لمستقبل ما بعد الوباء، حيث التقى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية لمواصلة المناقشات حول هذا الموضوع.
وبالفعل اقتربت الإمارات من التعافي من فيروس كورونا، حيث تسجل الفنادق في البلاد ارتفاعًا في معدلات الإشغال واستضافت كل من أبوظبي ودبي عدد من الأحداث الدولية الكبرى، بما في ذلك معرض الدفاع آيدكس وتجمع قادة صناعة الضيافة في جلفوود على التوالي ويبدو أن كلتا المناسبتين لم تسفر عن ارتفاع كبير في الإصابات. وخلال الأشهر المقبلة، ستعقد دبي المزيد من الاجتماعات، أحدها المؤتمر الدولي للملاحة الفضائية. وستستضيف أبوظبي أديبك في وقت لاحق من هذا العام، بالإضافة إلى عدد من الاجتماعات الأخرى والأحداث الشخصية عالية المستوى. ولن يقتصر الانتعاش الحقيقي على العودة إلى الانفتاح السابق للوباء، حيث أطلع فيروس كورونا الجمهور في جميع أنحاء العالم على صنع السياسات الحكومية الطموحة بشكل خاص وإنعاش الاقتصادات بعد أكثر من عام من الاضطراب غير المسبوق.
وفي توجه حديث من المشاريع الكبرى، أطلقت الإمارات العربية المتحدة مركزًا جديدًا لتكنولوجيا الأغذية، وصف بأنه وجهة عالمية للابتكار، حيث سيسمح "وادي تكنولوجيا الغذاء" للدولة بالاستفادة من مجال التكنولوجيا الزراعية الواعد مالياً والذي من المتوقع أن يرتفع قيمته من 13.5 مليار دولار أمريكي إلى 22 مليار دولار أمريكي خلال السنوات الأربع القادمة. وسيعمل وادي تكنولوجيا الغذاء على البحث عن مختلف الطرق التي يمكن من خلالها لكوكبنا إطعام سكانه، وهو أمر يمثل مصدر قلق ملحًا بشكل خاص لمنطقة الشرق الأوسط، حيث أنها جزء من العالم تتصف بالاعتماد المفرط على واردات الغذاء وأزمة المياه وعدد السكان المتزايد، لذا فالابتكارات مثل الزراعة العمودية هي محور تركيز مبكر للمشروع وسيكون التواجد الأكاديمي المكثف في متناول اليد لتحويل البحث إلى حلول عالمية.
وفي الختام، وبعد الاستجابة للفيروس والتعامل معه، يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أن تضع نفسها على رأس التعافي الاقتصادي العالمي، ولن تعطي الأولوية الفعالة بشكل خاص للعودة إلى الوضع الطبيعي فقط، ولكن أيضًا للتخطيط للعديد من المخاطر الأخرى التي قد تنتظرنا. إذا كان الوباء قد علم العالم أي شيء، فإن الاستعداد مهم قبل كل شيء.
وام