نجح قطاع الجمارك في دولة الإمارات بتنفيذ استراتيجية متكاملة لمواجهة التداعيات الخاصة بفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، وهو ما ساهم في حماية المجتمع وموظفي الجمارك في المنافذ الحدودية والمراكز الرئيسية وضمان توفير السلع والاحتياجات الأساسية لأفراد المجتمع بأمان وفي الوقت المناسب.
تضمنت هذه الاستراتيجية التي تنفذها الهيئة الاتحادية للجمارك ودوائر الجمارك المحلية؛ ثمانية محاور رئيسية تمثلت في إنهاء الإجراءات وإنجاز المعاملات الجمركية بسهولة ويسر مع اتخاذ التدابير والإجراءات الاحترازية كافة معها وتطبيق خطط استمرارية الأعمال وآلية العمل عن بُعد وتسهيل إنجاز معاملات التخليص الجمركي عبر التطبيقات الذكية، وتشديد الرقابة على الشحنات الواردة، واتخاذ إجراءات الأمن والسلامة كافة لضمان عدم تأثر الشحنات التي يتم السماح بدخولها إلى الدولة بحمل الفيروس أو التأثر به.
واستهدفت الاستراتيجية حماية موظفي الجمارك في المقرات الرئيسية والمنافذ الجمركية باتخاذ التدابير الاحترازية، وإصدار التعاميم الخاصة بكيفية التعامل مع الشحنات الواردة وآليات العمل والإرشادات الصحية، وإطلاق المبادرات التوعوية والصحية لموظفي القطاع وأفراد المجتمع، وجمع البيانات الإحصائية عن حركة السلع والبضائع وتحليلها وتزويد الجهات المختصة في الدولة بها، الأمر الذي دعم عملية اتخاذ القرار على مستوى الدولة.
وقال مفوض الجمارك رئيس الهيئة معالي علي سعيد النيادي، إن توجيهات القيادة الحكيمة لدولة الإمارات وسرعة إدراكها لتداعيات ومخاطر أزمة فيروس كورونا في وقت مبكر ساهم في تجنب الدولة لمخاطر كبيرة وأطلق جرس الإنذار المبكر في القطاعات الحكومية ورفع من مستوى الوعي لدى أفراد المجتمع.
وأضاف أن استجابة قطاع الجمارك في الدولة بمجرد ظهور المؤشرات الأولى لأزمة كورونا كانت سريعة وإيجابية للغاية، حيث قامت الهيئة والدوائر الجمركية المحلية كافة باتخاذ إجراءات جمركية وصحية وأمنية حاسمة لمنع تفشي الفيروس، وفي الوقت نفسه ضمان توفير متطلبات المجتمع من الاحتياجات الأساسية، مشيراً إلى أن أزمة فيروس كورونا المستجد تمثل فرصة كبيرة لتعزيز قدرات هذا القطاع في مجال إدارة الأزمات والطوارئ والكوارث والعمل عن بُعد، وتعد فرصة أيضاً لإطلاق الطاقات الكامنة لدى هذا القطاع من أجل استشراف المستقبل والإبداع والابتكار في وضع الاستراتيجيات المستقبلية التي تكفل مواجهة مثل هذه الأزمات والتحديات.
وفيما يتعلق بمحور إنهاء الإجراءات وإنجاز المعاملات الجمركية بسهولة ويسر تضمنت استراتيجية قطاع الجمارك في الدولة مجموعة من الإجراءات والمبادرات من أهمها تخليص المعاملات عن بُعد وإدراج جميع الأوراق المطلوبة في نظام التخليص الإلكتروني من دون تلامس مع المراجعين، وتوفير أجهزة كشف حرارية للمتعاملين قبل الدخول إلى مراكز الخدمة وللمسافرين وسائقي الشاحنات، وتزويد المراكز الجمركية بمعدات السلامة الوقائية كأدوات التعقيم والتطهير.
وحرصت المراكز الجمركية على تسهيل مرور البضائع الواردة للسوق المحلي، وإيقاف التعامل مع المركبات السياحية والسفن الخشبية ما عدا الحالات الاستثنائية، إضافة إلى تقليل عدد ساعات الدوام وأيام العمل للمخلصين الجمركيين، ومنع دخول الشاحنات "الكسارات" إلى الدولة والسماح بالشاحنات التجارية فقط، وكذلك منع دخول البحارة للموانئ أو الذهاب للأسواق الحرة، ووضع خطط لاستمرارية الأعمال وضمان عدم تأثر العمل.
وفي هذا السياق، أشارت البيانات الإحصائية الأولية للهيئة إلى أن الإجمالي العام لحجم تجارة المواد الغذائية لدولة الإمارات مع دول العالم "تجارة مباشرة ومناطق حرة" بلغ 29.5 مليار درهم خلال الفترة من شهر ديسمبر 2019 وحتى نهاية مارس 2020 حيث بلغت قيمة الواردات منها حوالي 20 مليار درهم، والصادرات 5.1 مليار، بينما بلغت قيمة إعادة التصدير 4.4 مليار درهم.
وفي محور تطبيق آلية العمل عن بُعد وتسهيل إنجاز معاملات التخليص عبر التطبيقات الذكية، قامت الهيئة ودوائر الجمارك المحلية باعتماد منهجية العمل عن بُعد على مراحل، وتضمنت المرحلة الأولى الوظائف الإدارية وموظفي الأمراض المزمنة والسيدات الحوامل، لتتسع فيما بعد لتشمل الإدارات كافة باستثناء مفتشي الجمارك الذين يمارسون مهام التفتيش في المراكز الجمركية ليتم تقليل عدد ساعات العمل في بعض المنافذ وزيادة عدد النوبات لتحقيق التباعد الجسدي بين المفتشين والعاملين، وتخصيص بريد إلكتروني لكل منفذ جمركي وإنجاز معاملات التخليص عبر التطبيقات الذكية.
وأكد معالي رئيس الهيئة أن الإنجازات الكبيرة التي حققها قطاع الجمارك في الدولة في مجال تطوير الخدمات وإنجاز المعاملات ورفع مستوى الكفاءات المواطنة والبنية التحتية والبرامج والأنظمة الإلكترونية والذكية المتميزة التي يتمتع بها القطاع، خاصة في مجال التخليص الجمركي الإلكتروني المسبق وأجهزة التفتيش المتطورة؛ تعد من أهم العوامل التي ساعدت القطاع على مواجهة تحديات فيروس كورونا والتعامل معه باحترافية ومهنية كبيرة.
وشددت الهيئة ودوائر الجمارك المحلية الرقابة على الشحنات الواردة خصوصاً من الدول المصابة بالفيروس، من خلال تقليل التفتيش اليدوي، وزيادة التفتيش باستخدام أجهزة الكشف بالأشعة السينية والفحص الإشعاعي، والتواصل مع الجهات الأمنية والصحية المختصة في حالة الاشتباه بإحدى الشحنات، وتعقيم الشحنات القادمة من الدول المصابة بشكل دوري، وصولاً إلى تعليق بعض التعاملات مع بعض الدول المصابة، كما تم اتخاذ إجراءات الأمن والسلامة كافة لضمان عدم تأثر الشحنات التي يتم السماح لها بدخول الدولة عبر تعزيز التعاون مع الجهات المختصة، وبمساندة العديد من تلك الجهات يتم تعقيم الشحنات والطرود البرية والمكاتب وساحات التفتيش والمباني وغيرها من أماكن العمل الجمركي.
وقال النيادي إن الهيئة الاتحادية للجمارك قدمت أوجه الدعم المطلوبة كافة للهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث منذ اللحظة الأولى وشاركت بفعالية في اجتماعاتها كافة وتعاونت مع جميع الجهات المعنية في الدولة، بهدف التخفيف من تداعيات فيروس كورونا في الدولة.
وفي هذا الصدد، قدم معاليه الشكر لجميع الدوائر الجمركية ومفتشي ومنتسبي قطاع الجمارك في الدولة والجهات المختصة ذات العلاقة على ما قدموه من جهد ملموس ساهم في تعزيز قدرة قطاع الجمارك والدولة على مواجهة الأزمة.
وفي مجال حماية موظفي قطاع الجمارك من الإصابة بالفيروس، تبنت الهيئة ودوائر الجمارك المحلية عدداً من المبادرات، من بينها اعتماد خطة استمرارية الأعمال والعمل عن بُعد وتقليص عدد الموظفين وأيام العمل لتقليل تجمعاتهم وإلغاء نظام البصمة اليدوية، وتوفير أدوات التعقيم والقفازات والكمامات، إضافة إلى أجهزة الفحص الحراري للموظفين والمراجعين، وتطهير مواقع العمل وتعقيمها باستمرار، وتوزيع منشورات توعية على الموظفين ووضع ملصقات ولوحات إرشادية خاصة بالوقاية بمرض كورونا، ومنع دخول أكثر من مراجع إلى مراكز سعادة المتعاملين في وقت واحد وتوزيعهم على مسافات في حالة الزحام.
كما أصدرت الهيئة ودوائر الجمارك المحلية عدداً من التعاميم لموظفيها حول كيفية التعامل مع الشحنات، والوقاية من مرض كورونا، والتعريف بالتدابير الاحترازية التي يجب تطبيقها، إضافة إلى إرشادات الصحة والسلامة والأمن ومعدات الوقاية الشخصية، وآلية التعامل مع الموظفين القادمين من رحلات أو مهمات سفر خارجية.
ومنذ البداية أطلقت الهيئة والدوائر المحلية مجموعة من المبادرات الصحية والجمركية تمثلت في إقامة ورش تدريبية حول العمل عن بُعد وخطط استمرارية الأعمال، وإطلاق تطبيقات الاتصال المرئي بين الموظفين، وإقامة الدورات التدريبية المتخصصة عن بُعد، وكذلك اتخاذ الإجراءات الصحية الاحترازية للحفاظ على كبار المواطنين وأصحاب الهمم ومن لديهم أمراض مزمنة، وتوجيه الموظفين إلى عدم السفر للخارج، وإنشاء لجان لمتابعة الحالات الصحية، وتجهيز غرفة طبية وحجر صحي للحالات المشتبه فيها.
وام