تحتل الإمارات موقعًا استراتيجيًا بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، وعلى بُعد رحلة مدتها ثماني ساعات فقط من نصف سكان العالم، وقد مكنها موقعها من أن تصبح مركزًا اقتصاديًا حقيقيًا ونقطة ارتكاز للتجارة والتبادل والابتكار والقيمة خلق، لذا تعزز "مشاريع الخمسين''، وهي سلسلة بارزة من المبادرات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي حددت الأولويات الوطنية للخمسين عامًا القادمة، نهج دولة الإمارات العربية المتحدة الراسخ في بناء بيئة جذابة للاستثمار الأجنبي، مع لوائح وقوانين وحوافز لجذب المستثمرين ورجال الأعمال والمبتكرين والمواهب المهنية من جميع أنحاء العالم، حيث تم تخصيص ما مجموعه 58 مليار درهم إماراتي في ميزانية دولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2021 لتحفيز البرنامج، والذي سيضيف المزيد إلى مزايا الدولة المتمثلة في الاستقرار والتنظيم الإيجابي والاحتياطيات المالية القوية وصناديق الثروة السيادية الكبيرة والوصول إلى الموارد بأسعار تنافسية.
ويؤكد الأداء الرائد لدولة الإمارات العربية المتحدة خلال أكبر اختبار على الإطلاق – وهو تفشي جائحة كورونا – على قوة اقتصاد الدولة وقدرتها على التكيف مع التحديات العالمية، بل في الواقع، شهدت الإمارات العربية المتحدة نموًا خلال الوباء العالمي، حيث بلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة 19.88 مليار دولار أمريكي في عام 2020، وهو ما يمثل نموًا بنسبة 44.2% عن عام 2019. وبلغ رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلي المتراكم حوالي 174 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 12.9% في نفس الفترة. كما احتلت البلاد المرتبة الأولى على مستوى العالم العربي والمرتبة 15 عالميًا في مؤشر "كيرني" للاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2021، متقدمةً بأربعة مراكز عن عام 2020.
وبحسب نتائج تقرير الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي لعام 2021 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، فقد احتلت الإمارات المرتبة الأولى عربياً والمرتبة 15 عالمياً من حيث قدرتها على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر. وذكر التقرير أن الإمارات استقطبت استثمارات أجنبية مباشرة بلغت 19.9 مليار دولار، بمعدل نمو 11.24% عن عام 2019.
وإليك ما يجعل الإمارات العربية المتحدة مرنة في مواجهة الخصوم، مما يجعلها وجهة آمنة للاستثمار العالمي بغض النظر عن الظروف: أولاً تدفقات رأس المال، حيث تعد القوة الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة سببًا رئيسيًا لاستمرارها في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر من جميع أنحاء العالم، حيث بلغ ناتجها المحلي الإجمالي 421 مليار دولار أمريكي في عام 2020 وتحتل المرتبة الثانية عالميًا من حيث الأصول المالية من صناديق الثروة السيادية. كما تحتل المرتبة 11 عالميًا في الأداء اللوجستي (الأول في المنطقة)، والمرتبة 12 عالميًا في جودة البنية التحتية (الأولى في المنطقة)، والمرتبة 13 عالميًا في تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر الصادر لعام 2020 (الأولى في المنطقة)، والمرتبة 16 عالميًا في تقرير سهولة ممارسة الأعمال (الأول في المنطقة)، والمرتبة 25 عالميًا في تقرير التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (الأول في المنطقة).
ثانيًا، تجارة السلع، حيث تحتل دولة الإمارات العربية المتحدة مكانة رائدة عالمياً وإقليمياً في تجارة السلع، وتحتل المرتبة الثالثة عالمياً في إعادة التصدير، وهي من بين أهم 20 دولة مصدرة في العالم. ثالثًا، البنية التحتية: حيث يستفيد مستثمرو البنية التحتية المتمرسون في دولة الإمارات العربية المتحدة من البنية التحتية الرائدة عالميًا، والتي استفادت من ضخ 4.5 مليار درهم إماراتي في ميزانية 2021، حيث تقدمت الإمارات بخمس مراتب في مؤشر البنية التحتية واحتلت المرتبة 28 عالمياً في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2020 الصادر عن مركز التنافسية العالمي. وفي نفس التقرير، احتلت الإمارات المرتبة الثالثة عالمياً والأولى إقليمياً في قوة الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والاستثمار في المرافق خلال السنوات الماضية. بالإضافة إلى ذلك، احتلت الإمارات المرتبة الأولى في قائمة الدول التي تمتلك أفضل بنية تحتية إلكترونية في العالم والمرتبة 31 لجودة الحياة الرقمية في عام 2020.
رابعًا، المناطق الحرة: هناك أكثر من 40 منطقة حرة متخصصة في دولة الإمارات العربية المتحدة، لكل منها علاقات قوية مع جمعيات تجارية إقليمية ودولية، وهي عضو في منظمة التجارة العالمية ومنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ولديها اتفاقيات تجارة حرة مع رابطة التجارة الحرة الأوروبية وسنغافورة والاتحاد الأوروبي. كما وقعت معاهدات تجارية ودولية رئيسية وما يقرب من 134 اتفاقية لحماية وتشجيع الاستثمارات مع شركائها التجاريين.
خامسًا، التكاليف تنافسية: تتميز الإمارات العربية المتحدة بتكاليف تمويل تنافسية ومستويات عالية من السيولة ونظام مصرفي قوي وتضخم منخفض وتعريفات منخفضة تتراوح بين صفر و5% لجميع السلع تقريبًا، ولا توجد ضرائب تجارية على الشركات أو الدخل، حيث تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على تطوير شبكة اتفاقيات تبادل المعلومات الضريبية الخاصة بها، وقد وقعت 117 اتفاقية ضريبية سارية المفعول مع دول عبر القارات الخمس، بما في ذلك معظم الشركاء التجاريين لدولة الإمارات العربية المتحدة. كما أن الإمارات العربية المتحدة ليس لديها قيود على الصرف الأجنبي أو حركة الأموال والتحويلات.
والجدير بالذكر أنه في غضون 50 عامًا فقط، خطت دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات كبيرة لتصبح قوة اقتصادية تنافسية ذات تأثير عالمي حقيقي ومكان يمكن للمستثمرين من خلاله رعاية وإطلاق وتصدير الأفكار المتغيرة للعالم في نهاية المطاف، والآن توفر "مشاريع الخمسين" وسيلة جديدة ومتكاملة لتحقيق ذلك من خلال خلق البيئة التجارية والقانونية المثلى ومن ثم إقامة شراكات دولية مع البلدان ذات التفكير المتشابه والتي تركز على المستقبل، حيث لن تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بتوسيع وتنويع اقتصادها فحسب، بل ستكون حافزًا للنمو الإقليمي والعالمي.
وام