بعيدًا عن تأثير جائحة كورونا، تستعد اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي لتحقيق انتعاش قوي مدعومًا بالجهود المتسارعة نحو التنويع الاقتصادي، وذلك وفقًا لتقرير بحثي حديث لبنك إم يو إف جي الدولي، حيث أدى مفهوم اعتماد دول مجلس التعاون الخليجي على النفط والغاز، الذي مضى عليه عقد من الزمن، إلى الإفراط في الاعتماد على أسعار الطاقة وتخلّف القطاع الخاص عن النمو وانخفاض نمو الإنتاجية، لذا فإن تأثير الوباء على اقتصادات المنطقة يقود إلى مسار نحو نموذج اقتصادي جديد، حيث يشير تقرير بنك إم يو إف جي الدولي إلى أن النتائج الناشئة عن برامج التطعيم القوية وإعادة الانفتاح المستمرة للاقتصادات توفر للمنطقة مساحة للتعافي القوي، فمع استمرار ثبات أسعار النفط، ستتقلص العجوزات وتزداد تدفقات التمويل بشكل قوي.
ومن المتوقع أن تقود المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدول مجلس التعاون الخليجي في عام 2021 بالنظر إلى تعافي الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، مع انتعاش الطلب المحلي وارتفاع مستويات الاستثمار، فوفقًا لتقرير البنك الدولي، على الرغم من أن إجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات العربية المتحدة للعام بأكمله لم يتم إصداره بعد لعام 2020 ولا توجد بيانات موحدة لعام 2021، إلا أن المؤشرات عالية التردد لا تزال تشير إلى دورة تحول في الاقتصاد بشكل كبير. كما يتوقع البنك الدولي أن السياسة المالية لدولة الإمارات العربية المتحدة من المرجح أن تتراجع مع اقتراب فترة التوقعات، مع وصول سعر النفط إلى 70 دولارًا للبرميل مع إغلاق عجز الميزانية، ومن المقرر أن تستمر الإصلاحات الهيكلية بناءً على مكاسب عام 2020.
وفي إطار الإدارة الفعالة لفيروس كورونا، تظهر البيانات المتعلقة بالعدوى ومعدل الوفيات والتطعيمات من دول مجلس التعاون الخليجي أن المنطقة ككل نجحت في معالجة الوباء بشكل فعال، حيث لا تزال أعداد الحالات والوفيات في دول مجلس التعاون الخليجي عند مستويات ضئيلة بسبب السرعة في توزيع التطعيمات واستراتيجيات إعادة الفتح الرشيدة.
وفي أعقاب الصدمات المزدوجة لفيروس كورونا والنفط، أدت معدلات التطعيم المرتفعة وإعادة الفتح المستمرة إلى تحفيز نمو الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي. ومع ذلك، فإن الانتعاش ليس موحدًا في جميع دول مجلس التعاون الخليجي نظرًا لاختلاف استجابات السياسات، في الوقت الذي تقود المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة استجابة سياسية قوية.
ووفقًا لتقييم بنك إم يو إف جي الدولي، لم يؤثر تسارع تفشي فيروس كورونا على النشاط الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي بمرور الوقت، حيث تظل مستويات التنقل قوية على الرغم من الحالات المرتفعة مؤخرًا، فعلى المستوى القطري، لا يزال التنقل في المملكة العربية السعودية هو المكانة البارزة باعتبارها الاقتصاد الخليجي الوحيد الذي يتمتع بمستويات تنقل سابقة للفيروس، تليها البحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر - ولا تزال عُمان والكويت في مرتبة متأخرة.