العلاقات الإماراتية الألمانية بين الماضي والحاضر والمستقبل

العلاقات الإماراتية الألمانية بين الماضي والحاضر والمستقبل

تشهد العلاقات الدبلوماسية بين دولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية ألمانيا الاتحادية تطورًا مذهلاً خلال 47 عامًا أسفرت عن شراكة استراتيجية متميزة بين البلدين في أبريل (نيسان) عام 2004، كشجرة غرس جذورها الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه ويستمر ترعرعها على يد أبنائه، حيث تم الاتفاق في يناير (كانون الثاني) من عام 2009 على عقد مشاورات سياسية منتظمة لوزراء الخارجية، وأعلنت حكومتا البلدين كذلك عن رغبتهما في توسيع التعاون السياسي بينهما.

ولم تكن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة؛ إلى ألمانيا العام الماضي مجرد احتفال بالذكرى الخامسة عشرة لهذه الشراكة الاستراتيجية، بل كانت تهدف إلى تأكيد عمق العلاقات الثنائية بين الدولتين ولإثبات المكانة التي تحظى بها الإمارات في السياسة الألمانية على مختلف الأصعدة بالإضافة إلى توثيق للعلاقات المشتركة وتجسيد لحرص قيادتي الدولتين على تعميقها وتطويرها، ودفعها قدماً إلى الأمام في جميع المجالات كما أنها كانت تضع خـريطة طريق جديـدة للتعاون المستقبلي خلال 15 سـنة مقبلة بحسب ما أعلنه سموه خلال الزيارة.

هناك العديد من المجالات التي يمكنها التي ستعزز التعاون مثل الرقمنة والتصنيع الذكي وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، فضلاً عن تعزيز التحول العالمي للطاقة المستدامة على سبيل المثال يمكننا ذكر تشكيل فريق العمل المشترك بين الدولتين لتعزيز التعاون في مجال الثورة الصناعية الرابعة (4IR)، كما وقعت الدولتان في عام 2017 شراكة في مجال الطاقة، لتكثيف الحوار في مجال الطاقات المتجددة وكفاءة استخدامها، ويلتزم كلا البلدين بمواصلة نشر الطاقات المتجددة وزيادة كفاءة الطاقة بهدف الوفاء بأهداف اتفاقات باريس، فضلاً عن الاستفادة من المزايا الاجتماعية-الاقتصادية للطاقات المتجددة.

ولم تتوقف العلاقة عند العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية فقط بل توسعت إلى الجانب التعليمي حيث توجد مكاتب وأفرع في أبوظبي ودبي تابعة لهيئات رسمية ألمانية، مثل الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي "DAAD"، ومعهد "جوته"، فضلاً عن ذلك، فهناك عدد من المشروعات بين مؤسسات التعليم العالي في كلا البلدين، حيث تم افتتاح الكلية الألمانية الإماراتية للعلوم اللوجستية بأبوظبي، كما تم بدء برنامج المنح الدراسية لدعم إقامة الطلاب الإماراتيين في ألمانيا بغرض الدراسة، كما ألحق ديوان ولي عهد أبوظبي ألمانيا ببرنامج شباب السفراء، لتدريب الطلاب الإماراتيون لدى الشركات في ألمانيا ليتعرفوا على عالم الأعمال فيها.

ولطالما كانت ألمانيا وجهة سفر مفضلة لسكان الإمارات العربية المتحدة من أجل السياحة الترفيهية والعلاجية وترحب ألمانيا دائمًا بالسياح الإماراتيين وبالرغم من أن فيروس كورونا يمثل تحديًا هائلاً للجميع وخاصة في القطاع السياحي لذلك العربية المتحدة مرة أخرى إلى ألمانيا، ولكن في الوقت الحالي، علينا التحلي بالصبر لمنع المزيد من انتشار الفيروس. ومع ذلك، فإن الإمارات العربية المتحدة وألمانيا تتعامل بشكل فعال للغاية وهو ما يؤكد قدرتهما على تجاوز هذه الأزمة وإعادة السياحة بين البلدين مرة أخرى.

ومن المعروف أ، الجالية الألمانية تلعب دورًا هامًا في الإمارات العربية المتحدة حيث أقاموا جسورًا شخصية تعزز العلاقات بين البلدين، حيث كان يعيش حوالي 15000 ألماني في الإمارات العربية المتحدة قبل اندلاع الجائحة ولم يغادر الكثير منهم الإمارات حتى الآن، فلم تصبح الإمارات وطنهم الثاني فحسب، ولكن المجتمع الألماني يشعر بالأمان هنا لثقته في القرارات والإجراءات الوقائية التي تتخذها السلطات الإماراتية.

لقد اتخذ عام 2020 مسارًا مختلفًا عما توقعه الجميع حيث كان يجب الاستعداد بنشاط لافتتاح معرض دبي إكسبو الآن. لكن جائحة كورونا غيرت محور عمل القنصلية الألمانية العامة في دبي، بعد إغلاق المطارات في الإمارات العربية المتحدة في 25 مارس، كانت الأولوية لإعادة المواطنين الألمان العالقين في الإمارات وفي مناطق العبور في مطاري أبوظبي ودبي، فقامت السفارة بتسيير ثلاث رحلات عودة إلى ألمانيا بالتعاون الوثيق مع منظمي الرحلات الألمان. ومع ذلك، يجب أن تختلف الأمور العام المقبل حيث من المتوقع أن يكون معرض إكسبو مثير للاهتمام في دبي حيث ستركز ألمانيا خلال مشاركتها على موضوع الطاقة النظيفة وكان لهذا أثره على حجم استثمارها الذي سيبلغ 50 مليون يورو في جناحها الواقع في منطقة الاستدامة حيث ستشارك حوالي 231 شركة ألمانية مسجلة على منصة السوق الإلكتروني العالمي لـ «إكسبو 2020 دبي".


انشر المقال: